ونحن نشاهد أحد منعرجات التاريخ وهي لحظة نزع روح الكارثة المسماة "الصحوة" ولفظ أنفاسها الأخيرة ، يجب علينا أن نشخّصها جيدا حتى لانسقط في فخ "صحوة" أخرى تختلف في الشكل وتشترك في المضمون .
تسطيح الصحوة إلى فترة زمنية معينة من 79 هو دفن للرأس في الرمل وربما أشبه بتسطيح علاج المرض والاكتفاء بعلاج أعراضه فقط ، وهو أمر قد يؤدي لعواقب لا تقل شناعة عن الصحوة نفسها كهدم الجسد المريض كاملا أو على أقل تقدير وقوعه في أمراض مزمنة أخرى .
ليس صحيحا أن الصحوة نيزك اجتماعي سقط عام 79 فقط بل هي تراكم لنهج معين استمر عقودا في مخاضه حتى أنجب المسخ "الصحوي" الذي جثم على صدور البلاد والعباد والثروات ، ويكفي نظرة سريعة على التاريخ من عهد المجدّد أو الأب الأعلى للصحوة (محمد بن عبدالوهاب) وتاريخه مدوّن بتدوين تلاميذه بإذنه وحقّقه نفس قادة الصحوة (كتاريخ بن غنام) لنرى جذور القضية حتى ننتهي لفتاوى مفتي الديار (محمد بن ابراهيم) وهي مجموعة في 13 مجلد وهو سابق لبداية السردية التي تسطح المشكلة بجعلها طفرة في عام 79 (والذي كان ذروة استثمارها لاغراض سياسية دولية)، وسنجد أن الواقع هو أن الصحوة وتبعاتها أزمة لنهج معين كامل يعبر عنه بالوهابي أوالسلفي.
هذا النهج نشأ لا كنهج علمي وإنما كنهج مفروض ، ففقدانه للطبيعة العلمية جعله يستعيض عنها بالتمكن بالحديد والنار و (السلطة) في نشأته وفي استقراره لاحقا وهذا ماتمكن منه بشكل ملحوظ تماما في أواخر السبعينات لظروف كثيرة متعددة ، فكانت فرصته في القمع مواتية حتى جثا على صدور الناس وفكرهم بعزلهم عن العالم والواقع ، فهو منهج لامحلّ فيه للانفتاح على الآخر ، بل يحتاج لبيئة مغلقة للاستقرار فتمّ عزل الشعب عن الآخر تماما بالسيطرة التامة والفلترة الدقيقة لكل مايسمح به وما لايسمح به حتى نشأ جيل لا يرى سواه للواقع و كممثل للإسلام وبالتالي ممثل للفرد ، وهذا أدّى لتشوه فكري غير مسبوق تم تصديره للعالم الإسلامي بالقوة الناعمة كإنشاء الجامعات المختصة لنشره ، وجلب المتحمسين بالمال لها ليرجعوا لبلدانهم وينشروه ، أو بالقوة العنيفة عبر الحركات السلفية الجهادية التي انتشرت بسواعد مخلصي هذا النهج .
واستمر الأمر على هذا المنوال حتى عصر ماقبل الانفتاح الأخير .
مالمترتب على ماسبق ؟
أمور عدّة منها التشوه العظيم للمنهجية ككل والإسلامية بشكل أخص ، فقد غرزت الصحوة في أذهان ضحايا هذا الفكر الضيق صورة النسخة السلفية المحدودة والمشوّهة من الإسلام كأنها هي الإسلام ككل .
تلك النسخة التي لاتمت للإسلام كمنهج من أعظم المناهج البشرية بصلة ، ونجد هذا الضيق حاضرا جدا في أدبيات هذا الفكر الذي قزم 1400 عام من العلماء والمناهج والمدارس التي حكمت العالم القديم ككل و أنشأت في كل بقعة حضارة لازالت آثارها ، وأورثت بكرم أسس المعرفة التي نتنعم اليوم بإنتاجاتها بعد تبني المجّدين من الأمم الأخرى لتفعيلها .
فنجد تقزيم وسطحية هذا الفكر في حصر كل ذلك على مدار آبائه الروحيين فلايتعدى تلخيص علوم الأمة ومناهج الإسلام إلا في بضعة أشخاص (ابن تيمية وابن القيم) ثم قفز إلى (محمد بن عبد الوهاب و أبناء منهجه) .
فتم بتر الإسلام بل قل تم إنتاجه بشكل غريب ، فأصبح عبارة عن صحابة في القرن الأول ثم فراغ لعدة قرون أشبه بالقرون المظلمة ، ثم صحوة شخصين في القرن الثامن أو السابع (ابن تيمية وتلميذه) ، ثم فراغ أيضا ثم صحوة محمد بن عبدالوهاب .
وتبع ذلك حذف لكل مابين هؤلاء من واقع وتاريخ ومعرفة ؛ وتضمن ذلك حذف للمناهج الإسلامية الحضارية واستبدل الإسلام بأُسسِه الفلسفية والفكرية التي أنتجت مناهج حقيقية ومدارس معرفية، بإسلام مبتورالأسس لا منهج له ولا أساس ، ويعتمد على مايشبه الكهنوتية التي عانت منها أوروبا المظلمة ، فهو عبارة عن مجرد فتوى وأقوال متوارثة تستمد أحقيتها من مكانة الشخص لا من الأصالة العلمية المنهجية للقول ؛ فنجد الفتاوى الغريبة من حرمة الغترة البيضاء ، إلى الطاعنة في الغرابة كحرمة سياقة المرأة أو تعليمها..الخ
والقاسم المشترك بينها جميعا أنك لاتعرف من أين أتت،فهي نتاج الإسلام المتمثل في أشخاص ومكانات لا في أفكار ومناهج.
وتم عزل المجتمع باسم الصحوة عن تاريخ الإسلام ومناهج الإسلام ، بل وواقع الإسلام في عصره المتمثل في الحواضر العلمية والمدارس الأخرى التي تم اقصاؤها؛كآخرمخالف لايجوز الاطلاع عليه وحُجِبت بتصوير خرافيتها وشركيّتها كحواجز نفسية للحفاظ على الأتباع داخل الحظيرة،وهو ماساعدت عليه فترة إمكان السيطرة على المنافذ الإعلامية حينها.
ونحن نشاهد الحكم بالإعدام على هذا المسخ الفكري يجب أن نتنبه لحقيقته ،حتى لاتختلط الحقائق الأخرى به فنقصي البريء بتهمة الجاني،فمن تضرر من الصحوة ومنهجها هو الإسلام نفسه قبل كل شيء حيث كان الشعار المستخدم اسمه دون مضمونه ، لاضطهاد الآخرين وهو منهم براء . فعلاج الصحوة لايكون بتدمير الجاني والضحية؛
والقضاء على الصحوة لايكون بتكرير فكرها بشكل آخر ومحاكمة الإسلام للنسخة التي سعت الصحوة لترسيخها في الذهن.
فالإسلام المنهجي كان بذرة تقدم الحضارة في كل الأمم قانونيا واقتصاديا واجتماعيا ؛ لايمكن أن يكون هو الصحوة أو منهجها السلفية ، فنحن نتحدث عن منهج قامت عليه الحضارة الأوروبية كما هومعروف من عهد ترجمة نابليون لجزء من منظومته الفقهية (شرح الدردير على مختصر خليل في الفقه المالكي) ، وعليه بنى قانونه بمجرد نسخه ولصقه كما قال (غوستاف لوبون) فتمكن من توسيع امبراطوريته ونهضتها ثم ورث الأوربيون هذا القانون (الذي هو في الأساس جزء من المنهج الإسلامي) وبه قامت حضارتها ، فأساس الحضارة القانون والتشريع ؛
بل يقول المستشرق جورج ويلز "إن أوروبا مدينة للمسلمين في قوانينها الدولية التجارية"
وكان المنهج الإسلامي دعامة لكل حضارة تحاول الوقوف فنجده حاضرا في نقاش الآباء المؤسسين لأمريكا ، واعتمادهم عليه مُمَثلين في جيفرسون صاحب "بيان الاستقلال" الذي حصل على نسخة من القرآن مترجمة ، وتم الاعتماد على التشاريع الإسلامية في الدستور .
وذلك مشروح بتفصيل في كتاب (جيفرسون والقرآن) ل أ.سيلبيرغ .
وهذه الحقائق التاريخية مادفعت مؤتمر لاهاي 1937 على تقرير أن الشريعة الإسلامية من أهم مصادر القانون العالمي .
ومن جانب اقتصادي نجد لدينا نظاما صالحا لمزاحمة الأنظمة العالمية ، بل نجد تسارع خطى ضحايا النظام العالمي حتى أوروبيا للاقتصاد الإسلامي الكافل للإنسان ، لا لتكدس ثروات الجميع عند البعض والذي نجد تشاريعه إعجازية في محاربة الفقر ولا الغنى ، وفي ربط المال بالإنتاج ، فلانجد أرصدة تتضخم بالربا لأشخاص معينيين دون إنتاجية ، ولتضييق الفوارق بين طبقات الشعب وعدم احتكار الثروة وحرمة الاستئثار بالأسس الحياتية "مأكل مشرب مسكن طاقة" أو تدويرها كمكينة أرباح ، و وجوب كفل الفقير وتأمين العيش له ووجوب تأمين العمل وغيرها من واجبات الراعي والرعية فيما يتعلق بالاقتصاد .
فلا يمكن الخلط بردة الفعل العاطفية بين "الصحوة" كحقبة مظلمة وبين المنهج الإسلامي الذي كان أساس كل تنوير نشاهده شرقا وغربا .. فاستغلال العواطف الجماهيرية النافرة من شيء معين وتوجيهها لخدمة غرض آخر نكاية به أمر شائع على مدار التاريخ .
فقد استغل السادات احتقان المصريين وتعطشهم في فترة ما ؛ فدفع بهم للرأسمالية والتي كانت ولاتزال ليست غير خدمة لقوى عظمى وأنظمة عالمية على حساب الأتباع ، فسقطت مصر ونهضت على أكتافها القوى العظمى .
سقطت مصر كاقتصاد من أعظم الاقتصاديات وكشعب غارق في الرفاهية ، فتمت التضحية بها لتصل لحضيض الجوع خدمة لنظام عالمي مهيمن .
فقبل الاستيراد أو الإخصاء باسم "الوسطية" التي تحصرنا كمجرد مستهلكين بإسلام محصور في الطقوس الشخصية والعبادات دون أن يتعداها .
علينا التأني حتى لانكون مكب مخلفات للأنظمة الأخرى ؛ فنجدنا في حين عودة الغرب بعد كوارث الأنظمة العقيمة لميراثنا التشريعي والاقتصادي والمنهجي نحتقره نحن بعواطف الاضطهاد الصحوي، ونرتمي في حضن أنظمته باسم العلمنة أو التنوير ونتخلى عن إمكانية رجوعنا للمنهجية الإسلامية والمنجم الفكري الموروث لصناعة ماننهض به اقتصاديا واجتماعيا وفكريا ، معتمدين على هويتنا الحقيقية في عصر الرجوع للهويات .
تسطيح الصحوة إلى فترة زمنية معينة من 79 هو دفن للرأس في الرمل وربما أشبه بتسطيح علاج المرض والاكتفاء بعلاج أعراضه فقط ، وهو أمر قد يؤدي لعواقب لا تقل شناعة عن الصحوة نفسها كهدم الجسد المريض كاملا أو على أقل تقدير وقوعه في أمراض مزمنة أخرى .
ليس صحيحا أن الصحوة نيزك اجتماعي سقط عام 79 فقط بل هي تراكم لنهج معين استمر عقودا في مخاضه حتى أنجب المسخ "الصحوي" الذي جثم على صدور البلاد والعباد والثروات ، ويكفي نظرة سريعة على التاريخ من عهد المجدّد أو الأب الأعلى للصحوة (محمد بن عبدالوهاب) وتاريخه مدوّن بتدوين تلاميذه بإذنه وحقّقه نفس قادة الصحوة (كتاريخ بن غنام) لنرى جذور القضية حتى ننتهي لفتاوى مفتي الديار (محمد بن ابراهيم) وهي مجموعة في 13 مجلد وهو سابق لبداية السردية التي تسطح المشكلة بجعلها طفرة في عام 79 (والذي كان ذروة استثمارها لاغراض سياسية دولية)، وسنجد أن الواقع هو أن الصحوة وتبعاتها أزمة لنهج معين كامل يعبر عنه بالوهابي أوالسلفي.
هذا النهج نشأ لا كنهج علمي وإنما كنهج مفروض ، ففقدانه للطبيعة العلمية جعله يستعيض عنها بالتمكن بالحديد والنار و (السلطة) في نشأته وفي استقراره لاحقا وهذا ماتمكن منه بشكل ملحوظ تماما في أواخر السبعينات لظروف كثيرة متعددة ، فكانت فرصته في القمع مواتية حتى جثا على صدور الناس وفكرهم بعزلهم عن العالم والواقع ، فهو منهج لامحلّ فيه للانفتاح على الآخر ، بل يحتاج لبيئة مغلقة للاستقرار فتمّ عزل الشعب عن الآخر تماما بالسيطرة التامة والفلترة الدقيقة لكل مايسمح به وما لايسمح به حتى نشأ جيل لا يرى سواه للواقع و كممثل للإسلام وبالتالي ممثل للفرد ، وهذا أدّى لتشوه فكري غير مسبوق تم تصديره للعالم الإسلامي بالقوة الناعمة كإنشاء الجامعات المختصة لنشره ، وجلب المتحمسين بالمال لها ليرجعوا لبلدانهم وينشروه ، أو بالقوة العنيفة عبر الحركات السلفية الجهادية التي انتشرت بسواعد مخلصي هذا النهج .
واستمر الأمر على هذا المنوال حتى عصر ماقبل الانفتاح الأخير .
مالمترتب على ماسبق ؟
أمور عدّة منها التشوه العظيم للمنهجية ككل والإسلامية بشكل أخص ، فقد غرزت الصحوة في أذهان ضحايا هذا الفكر الضيق صورة النسخة السلفية المحدودة والمشوّهة من الإسلام كأنها هي الإسلام ككل .
تلك النسخة التي لاتمت للإسلام كمنهج من أعظم المناهج البشرية بصلة ، ونجد هذا الضيق حاضرا جدا في أدبيات هذا الفكر الذي قزم 1400 عام من العلماء والمناهج والمدارس التي حكمت العالم القديم ككل و أنشأت في كل بقعة حضارة لازالت آثارها ، وأورثت بكرم أسس المعرفة التي نتنعم اليوم بإنتاجاتها بعد تبني المجّدين من الأمم الأخرى لتفعيلها .
فنجد تقزيم وسطحية هذا الفكر في حصر كل ذلك على مدار آبائه الروحيين فلايتعدى تلخيص علوم الأمة ومناهج الإسلام إلا في بضعة أشخاص (ابن تيمية وابن القيم) ثم قفز إلى (محمد بن عبد الوهاب و أبناء منهجه) .
فتم بتر الإسلام بل قل تم إنتاجه بشكل غريب ، فأصبح عبارة عن صحابة في القرن الأول ثم فراغ لعدة قرون أشبه بالقرون المظلمة ، ثم صحوة شخصين في القرن الثامن أو السابع (ابن تيمية وتلميذه) ، ثم فراغ أيضا ثم صحوة محمد بن عبدالوهاب .
وتبع ذلك حذف لكل مابين هؤلاء من واقع وتاريخ ومعرفة ؛ وتضمن ذلك حذف للمناهج الإسلامية الحضارية واستبدل الإسلام بأُسسِه الفلسفية والفكرية التي أنتجت مناهج حقيقية ومدارس معرفية، بإسلام مبتورالأسس لا منهج له ولا أساس ، ويعتمد على مايشبه الكهنوتية التي عانت منها أوروبا المظلمة ، فهو عبارة عن مجرد فتوى وأقوال متوارثة تستمد أحقيتها من مكانة الشخص لا من الأصالة العلمية المنهجية للقول ؛ فنجد الفتاوى الغريبة من حرمة الغترة البيضاء ، إلى الطاعنة في الغرابة كحرمة سياقة المرأة أو تعليمها..الخ
والقاسم المشترك بينها جميعا أنك لاتعرف من أين أتت،فهي نتاج الإسلام المتمثل في أشخاص ومكانات لا في أفكار ومناهج.
وتم عزل المجتمع باسم الصحوة عن تاريخ الإسلام ومناهج الإسلام ، بل وواقع الإسلام في عصره المتمثل في الحواضر العلمية والمدارس الأخرى التي تم اقصاؤها؛كآخرمخالف لايجوز الاطلاع عليه وحُجِبت بتصوير خرافيتها وشركيّتها كحواجز نفسية للحفاظ على الأتباع داخل الحظيرة،وهو ماساعدت عليه فترة إمكان السيطرة على المنافذ الإعلامية حينها.
ونحن نشاهد الحكم بالإعدام على هذا المسخ الفكري يجب أن نتنبه لحقيقته ،حتى لاتختلط الحقائق الأخرى به فنقصي البريء بتهمة الجاني،فمن تضرر من الصحوة ومنهجها هو الإسلام نفسه قبل كل شيء حيث كان الشعار المستخدم اسمه دون مضمونه ، لاضطهاد الآخرين وهو منهم براء . فعلاج الصحوة لايكون بتدمير الجاني والضحية؛
والقضاء على الصحوة لايكون بتكرير فكرها بشكل آخر ومحاكمة الإسلام للنسخة التي سعت الصحوة لترسيخها في الذهن.
فالإسلام المنهجي كان بذرة تقدم الحضارة في كل الأمم قانونيا واقتصاديا واجتماعيا ؛ لايمكن أن يكون هو الصحوة أو منهجها السلفية ، فنحن نتحدث عن منهج قامت عليه الحضارة الأوروبية كما هومعروف من عهد ترجمة نابليون لجزء من منظومته الفقهية (شرح الدردير على مختصر خليل في الفقه المالكي) ، وعليه بنى قانونه بمجرد نسخه ولصقه كما قال (غوستاف لوبون) فتمكن من توسيع امبراطوريته ونهضتها ثم ورث الأوربيون هذا القانون (الذي هو في الأساس جزء من المنهج الإسلامي) وبه قامت حضارتها ، فأساس الحضارة القانون والتشريع ؛
بل يقول المستشرق جورج ويلز "إن أوروبا مدينة للمسلمين في قوانينها الدولية التجارية"
وكان المنهج الإسلامي دعامة لكل حضارة تحاول الوقوف فنجده حاضرا في نقاش الآباء المؤسسين لأمريكا ، واعتمادهم عليه مُمَثلين في جيفرسون صاحب "بيان الاستقلال" الذي حصل على نسخة من القرآن مترجمة ، وتم الاعتماد على التشاريع الإسلامية في الدستور .
وذلك مشروح بتفصيل في كتاب (جيفرسون والقرآن) ل أ.سيلبيرغ .
وهذه الحقائق التاريخية مادفعت مؤتمر لاهاي 1937 على تقرير أن الشريعة الإسلامية من أهم مصادر القانون العالمي .
ومن جانب اقتصادي نجد لدينا نظاما صالحا لمزاحمة الأنظمة العالمية ، بل نجد تسارع خطى ضحايا النظام العالمي حتى أوروبيا للاقتصاد الإسلامي الكافل للإنسان ، لا لتكدس ثروات الجميع عند البعض والذي نجد تشاريعه إعجازية في محاربة الفقر ولا الغنى ، وفي ربط المال بالإنتاج ، فلانجد أرصدة تتضخم بالربا لأشخاص معينيين دون إنتاجية ، ولتضييق الفوارق بين طبقات الشعب وعدم احتكار الثروة وحرمة الاستئثار بالأسس الحياتية "مأكل مشرب مسكن طاقة" أو تدويرها كمكينة أرباح ، و وجوب كفل الفقير وتأمين العيش له ووجوب تأمين العمل وغيرها من واجبات الراعي والرعية فيما يتعلق بالاقتصاد .
فلا يمكن الخلط بردة الفعل العاطفية بين "الصحوة" كحقبة مظلمة وبين المنهج الإسلامي الذي كان أساس كل تنوير نشاهده شرقا وغربا .. فاستغلال العواطف الجماهيرية النافرة من شيء معين وتوجيهها لخدمة غرض آخر نكاية به أمر شائع على مدار التاريخ .
فقد استغل السادات احتقان المصريين وتعطشهم في فترة ما ؛ فدفع بهم للرأسمالية والتي كانت ولاتزال ليست غير خدمة لقوى عظمى وأنظمة عالمية على حساب الأتباع ، فسقطت مصر ونهضت على أكتافها القوى العظمى .
سقطت مصر كاقتصاد من أعظم الاقتصاديات وكشعب غارق في الرفاهية ، فتمت التضحية بها لتصل لحضيض الجوع خدمة لنظام عالمي مهيمن .
فقبل الاستيراد أو الإخصاء باسم "الوسطية" التي تحصرنا كمجرد مستهلكين بإسلام محصور في الطقوس الشخصية والعبادات دون أن يتعداها .
علينا التأني حتى لانكون مكب مخلفات للأنظمة الأخرى ؛ فنجدنا في حين عودة الغرب بعد كوارث الأنظمة العقيمة لميراثنا التشريعي والاقتصادي والمنهجي نحتقره نحن بعواطف الاضطهاد الصحوي، ونرتمي في حضن أنظمته باسم العلمنة أو التنوير ونتخلى عن إمكانية رجوعنا للمنهجية الإسلامية والمنجم الفكري الموروث لصناعة ماننهض به اقتصاديا واجتماعيا وفكريا ، معتمدين على هويتنا الحقيقية في عصر الرجوع للهويات .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق